افتتاحية- التعرف على الاختلافات التشريحية: ضرورة للرعاية المثلى للمرضى

افتتاحية:

التعرف على الاختلافات التشريحية: ضرورة للرعاية المثلى للمرضى

ياسر حسن عبدالله الحسن

دكتوراة التشريح السريري، ماجستير تعليم المهن الصحية (جامعة ماستريخت)

أستاذ مشارك في علم التشريح السريري والتعليم الطبي

منسق البرنامج العام، كلية الطب، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية

 ___________________________

للإطلاع على المقالة كاملة باللغة الانجليزية من هنا

Editorial - Recognizing Anatomical Variations: A Necessity for Optimal Patient Care

__________________________ 

إن الفهم الشامل للتشريح البشري أمر أساسي في الطب والجراحة. ولذلك، فمن الأهمية بمكان أن ندرك أن الاختلافات التشريحية شائعة ويمكن أن يكون لها آثار كبيرة على التشخيص والعلاج والعمليات الجراحية.

تشير الاختلافات التشريحية إلى الانحرافات عن البنية والتنظيم "النموذجي" أو "الطبيعي" لأعضاء الجسم والأوعية والأعصاب والسمات التشريحية الأخرى. يمكن أن تتراوح هذه الاختلافات من اختلافات طفيفة في مسار الأوعية الدموية أو تفرعها إلى تشوهات كبيرة في موضع الأعضاء أو تطورها.

أحد الأمثلة البارزة على الاختلاف التشريحي هو وجود الشرايين الكلوية الإضافية. عادةً يتم إمداد الكلى عن طريق شريان كلوي واحد يتفرع من الشريان الأورطي البطني، ولكنه ليس من غير المألوف أن يكون لدى بعض الأفراد شرايين كلوية إضافية، تُعرف باسم الشرايين الكلوية الإضافية. يمكن أن يكون لهذه الاختلافات آثاراً كبيرة على الإجراءات العلاجية مثل زرع الكلى أو التدخلات الجراحية التي قد تمس الأوعية الدموية الكلوية. إن الفشل في تحديد وحساب الشرايين الكلوية الإضافية يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات، مثل نقص التروية أو احتشاء الكلى.

مثال آخر هو المسار المتغير للعصب الحنجري الراجع، وهو فرع من العصب المبهم المسؤول عن تعصيب عضلات الحنجرة. يمكن أن يُظهر هذا العصب اختلافات في مساره، حيث يدور أحيانًا حول الشريان تحت الترقوة أو حتى يمر عبر الغدة الدرقية. يجب أن يكون الجراحون الذين يقومون بعمليات الغدة الدرقية أو الرقبة على دراية بهذه الاختلافات المحتملة لتجنب الإصابة غير المقصودة للعصب، والتي يمكن أن تؤدي إلى شلل الحبل الصوتي والمضاعفات المرتبطة به.

تمتد آثار الاختلافات التشريحية إلى ما هو أبعد من العمليات الجراحية. في علم الأشعة التشخيصية، يعد التعرف على الاختلافات التشريحية أمرًا بالغ الأهمية لتفسير دراسات التصوير بدقة وتجنب التشخيص الخاطئ. على سبيل المثال، يمكن الخلط بين الاختلافات في نمط التفرع للشريان الكبدي وبين الحالات المرضية، مثل تمدد الأوعية الدموية أو التشوهات الوعائية، إذا لم يتم التعرف عليها بشكل صحيح.

علاوة على ذلك، يمكن أن تؤثر الاختلافات التشريحية على عملية التخدير الموضعي أو وضع الأجهزة الطبية، مثل القسطرة الوريدية المركزية أو أجهزة تنظيم ضربات القلب. يمكن أن يؤدي الفشل في حساب الاختلافات في مسار أو موضع الأعصاب أو الأوعية الدموية أو الهياكل التشريحية الأخرى إلى مضاعفات، بما في ذلك إصابة الأعصاب أو تلف الأوعية الدموية أو العلاج غير الفعال.

يحتاج المتخصصون الطبيون والجراحون إلى اليقظة والادراك لاحتمال حدوث اختلافات تشريحية. وينبغي أن يبدأ هذا الوعي أثناء التعليم الطبي، مع التركيز على دراسة الاختلافات التشريحية وآثارها السريرية. وينبغي للتعليم المستمر والتطوير المهني المستمر أن يعزز هذه المعرفة ويشجع تبادل الخبرات ودراسات الحالة التي تنطوي على الاختلافات التشريحية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد دمج طرائق التصوير المتقدمة، مثل التصوير المقطعي (CT) والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، في تحديد الاختلافات التشريحية قبل الجراحة، مما يسمح بتخطيط جراحي أفضل وتخفيف المخاطر.

في هذا العدد من المجلة، قمنا بنشر دراسة حالة بعنوان "الاختلافات التشريحية في الوتر الباسط للإصبع الصغير". يسلط المقال الضوء على تباين تشريحي مثير للاهتمام في الوتر الباسط للإصبع الصغير (EDM)، حيث أظهرت اليد اليمنى زلات مزدوجة تنضم إلى التمدد الرقمي الظهري للإصبع الصغير، بينما ظهر باليد اليسرى وتر واحد.

تعد دراسة الحالة هذه بمثابة تذكير في الوقت المناسب بأهمية فهم والتعرف على الاختلافات التشريحية في الممارسة السريرية. ويؤكد على حاجة المتخصصين في الرعاية الصحية، من طلاب الطب إلى الجراحين ذوي الخبرة، إلى البقاء يقظين ومدركين لاحتمال الانحرافات عن الهياكل التشريحية "النموذجية" أو "العادية".

في الختام، نشير إلى أن الاختلافات التشريحية شائعة ويمكن أن يكون لها آثار كبيرة في المجالات الطبية والجراحية. ومن خلال التعرف على هذه الاختلافات وفهمها، يمكن لمتخصصي الرعاية الصحية تعزيز سلامة المرضى وتحسين دقة التشخيص وتحسين نتائج العلاج. يعد التركيز المستمر على دراسة الاختلافات التشريحية وتبادل المعرفة داخل المجتمع الطبي أمرًا بالغ الأهمية لتعزيز رعاية المرضى وتقليل المخاطر المرتبطة بهذه الانحرافات عن التشريح "النموذجي".

المراجع:

 

  1. Saldarriaga B, Pinto SA, Ballesteros LE. Morphological expression of the renal artery: A direct anatomical study in a Colombian half-caste population. Int J Morphol. 2008;26(1). https://doi.org/10.4067/s0717-95022008000100005
  2. Bastien AJ, Ho AS. Anatomical variations of the recurrent laryngeal nerve during thyroid surgery and the dangers of nerve injury. Clin Thyroidol. 2022;34(1):35-7. https://doi.org/10.1089/ct.2022;34.35-37
  3. Koops A, Wojciechowski B, Broering DC, Adam G, Krupski-Berdien G. Anatomic variations of the hepatic arteries in 604 selective celiac and superior mesenteric angiographies. Surg Radiol Anat. 2004;26(3):239-44. https://doi.org/10.1007/s00276-004-0229-z
  4. Chantler J. Applied anatomy of the central veins. Central Venous Catheters. 2009:14-33. https://doi.org/10.1002/9780470750186.ch2
  5. Mariani G, Mazzeo S, Rubello D, Bartolozzi C. Preoperative localization of abnormal parathyroid glands. The Parathyroids. 2015:499-518. https://doi.org/10.1016/b978-0-12-397166-1.00035-7

 

 

 

Comments